صفات اُلمُسلْمِْ
الحمدلله رب العالمين ,نحمده ونستغفره ونستعينه ,ونعوذبالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ,من
يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلنتجد له ولياّ مرشدا ,والصلاة والسلام على من بعث رحمة للعالمين
حبيبنا وإمامناوقدوتنا وقرة أعيننا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين .
قالالله تعالى { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديد *يصلح لكم أعمالكمويغفر لكم ذنوبكم ومن
يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما *}الآية
وقال { ياأيها الذين اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بماتعملون *}أما بعد
لذا فإني أوُرد مستعينا
بالله تعالى مجموعة
من هذهالأخلاق الإسلامية ,والتي اخترتها لكونها لصيقة بتصرفات المسلم في يومه وليلته ,ولأننا أصبحنا في مجتمع أصابت أخلاقه الشهوات الدنيويةّ ,واعترتها
الاهتماماتالدونيةّ .
الحياء
صاحبه حي الضمير ,مرهف المشاعر ,محب للتواضع ,عاشق للهدوء والسكينة .
الحياء مزيةّإسلامية لكل مؤمن خالص إيمانه لله ,وشعور يخالج النفس فيترجم على ملامح الوجه .
والحياء خلُُق الإسلام كما قال صلى الله عليه وسلم "لكل دين خلقا وخلقالإسلام الحياء "رواه مالك
والحياء أنواع وأولها وأجلها هو الحياء مع اللهسبحانه وتعالى عن ابن مسعود رضي الله عنه قال :قال
الرسول صلى الله عليه وسلم "استحيوا من الله حق الحياء 0قلنا إنا نستحي من الله يا رسول الله والحمد
لله قال :ليس ذلك 0 الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى ,والبطن وما حوى ,وتذكر
الموت والبلى ,ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا , وآثر الآخرة على الأولى فمنفعل ذلك فقد استحيا من الله
حق الحياء "رواه الترمذي.
ثم يأتي الحياءمع رسول الله صلى الله عليه وسلم باتباع أوامره واجتناب نواهيه ومحبته والصلاة عليهدائما ,وقراءة سيرته وآثاره ,وإفهام الناس وتنويرهم بعلو شأنه وسمو قدره وجلالسنته صلى الله عليه وسلم .
وهناك الحياء في الكلام بتنزيه اللسان عن كل مايعيبه ويضجه ,والحياء في المعاملات مع الناس بإظهار
خلُُق المسلم الحقيقي ,والابتعاد عن النفاق والبدع والمجاملات الرخيصة التي لا تعدو إلا سفا سف أمور لا
يلتفت إليها .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ":الإيمان بضع وسبعون شعبه أو بضع
وستون شعبه ,فأفضلها قوا لا إله إلا الله ,وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ,والحياء شعبة من الإيمان"
متفق عليه .
الزهد
قال ابن تيميه رحمه الله "الزهدهو ترك الرغبة فيما لا ينفع في الدنيا في الدار الآخرة ,وهو فضول المباح
التي لايستعان بها على طاعة الله عز وجل "
وقيل إن أعلى مراتب القناعة الزهد .
) وقال تعالى{يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكّم الحياة الدنياولا يغرنكّم بالله الغرور }فاطر( 5
وهذا نبينا الكريم صلى الله عليه وسلموهو القدوة الصالحة لأمته يضرب لنا أروع الأمثلة في الزهد والترفع
عن هذه الدنياالرخيصة ,فكانت تمر عليه الأشهر ولم توقد في بيته عليه الصلاة والسلام ناراً ,وكان يعيّشه
هو وأهله الأسودان التمر والماء ,وكان فراشه من أدم ,وحشوه من ليف ,ونام على الحصير وأثرّ ذلك في
جنبه .
والزهد لباس الراغب في لقاء اللهالطامع في جنته ,وظلال المتيقن بدناءة هذه الدنيا وخستها ,وعيش المقر بفناءهاوزوالها.
وقال الله تعالى وهو أصدق القائلين : {زيُّن للناس حب الشهوات منالنساء والبنين والقناطير المقنطرة من
الذهب والفضة والخيل المسومّة والأنعاموالحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن الثواب 0 قل أؤنبكم
بخير من ذلكمللذين اتقوا عند ربهم جناّت تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرّةورضوان من
الله والله بصير بالعباد } آل عمران ( 15,14
الكرم
والكرم من علامات البر قوله تعالى :{ لنتنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون }آل عمران( 92
وهو أحد مقومّات هذاالدين العظيم ,إذ لا يقبل البخل , ويتضجر من أهل الشح ,وتوعد أهل الإنفاق بالخير
) الكثير قال تعالى {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه }سبأ ( 39
والكرمأحد أسباب سعادة العبد في دينه ودنياه متى ما تلمس حاجة الضعيف فقضاها ,وسأل عنمطلب
الفقير فأعطاه ,وتحرّى رغبات المحتاج فسددها ,عن ابن مسعود رضي الله عنه عنالنبي صلى الله عليه
وسلمّ قال : "لا حسد إلا في اثنتين 0رجل أتاه الله مالاًفسلّطه على هلكته في الحق ,ورجل آتاه الله حكمه
فهو يقضي بها ويعلمه "متفق عليه .
قال النووي معناه .ينبغي أن لا يغُبط أحد إلا على إحدى الخصلتين .
ومعنىكلمته (على هلكته)أي على الذين يهلكون هذا المال أي ينفقونه.
قال تعالى }وما تنفقوا من خير فلأنفسكم وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله وما تنفقوا من خيرٍيوف إليكم وأنتم
) لا تظلمون }البقرة ( 272
العدل
أساس كل أمن ,وطريق كل عيش سعيد ,وأمنيةالمظلوم ,ورغبة من يشتكي الجور والبهتان
هو التساوي بين المخلوقين ,والتراحم فيما بينهم ,والمحافظة على حقوقهم ,والأخذ على يد جاهلهم
وضعيفهم وصغيرهم
العدل هو ميزان الله تعالى في الأرض الذي يؤخذ به للضعيف منالقوي ,والمحق من المبطل
ويلزم على كل من ولُِّي أمرا من أمورالمسلمين أن يعدل فيما بينهم وأن يتقي الله في حقوقهم ,فقد ورد أن
من السبعة الذينيظلهّم الله في ظلهّ يوم لا ظل إلا ظلهّ "إمام عادل "متفق عليه
وقبل هذاقال الله تعالى : { إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى....الآية {النحل ( 90
الصدق
لأن من سلك دربهوصل ,ومن لزمِه نجى ,ومن عمل على إقامته أُجرِ ,ولأنه سمة من سمات المؤمنين ,
وخلُُق من أخلاق المتقين ,وصفة من صفات أهل الفضل ,فقد حرّص عليه الإله جل شأنه ,ووعد من يتّصف
به دار النعيم .ذلكم هو الصدق ,منارة الحق ,وعنوان الولاء لله تعالى
) قال تعالى في محكم التنزيل {والصادقين والصادقات }الأحزاب ( 35
) وقال {فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم }محمد ( 21
وهو علامة لأهلالإصلاح ,وحجة الأنبياء والرسل للناس فهذا نبينا عليه الصلاة والسلام كان يسمّىقبل
الإسلام بالصادق الأمين ,وهذا إسماعيل عليه السلام يقول عنه الله تعالى } :واذكر في الكتاب إسماعيل إنهّ
). كان صادق الوعد وكان رسولا نبياّ }مريم ( 54
عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلمّ : "إن الصدق يهديإلى البر ,وإن البر يهدي
إلى الجنةّ ,وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند اللهصديّقا.....الحديث 0متفق عليه
الأمانة
قال تعالى : {إنا عرضنا الأمانة علىالسماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها
) الإنسان إنه كانظلوما جهولا }الأحزاب ( 72
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلىالله عليه وسلمّ قال : "آية المنافق ثلاث ,إذا حدث كذب
,وإذا أوعد أخلف ,وإذاأوُتمن خان "متفق عليه وفي رواية "وإن صام وصلّى وزعم أنهّ مسلم " 0
الأمانة أمرها عظيم ,ومعانيها كثيرة وجليلة ,يحملها جميع الناس علموا ذلكأم لم يعلموا ٬ الإمام ,القاضي
,العالم ,الطالب ,الموظف ,الجندي رب الأسرة 00000 الخ 0 "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته "رواه
البخاري 0
قال تعالى } :يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون .واعلموا أنما
) أموالكم وأولادكم فتنه وأن الله عنده أجر عظيم }الأنفال ( 27,28
الحلم
هو ثباتك أمام من ينهرك ,وثقتكبنفسك قبِلَ من يستصغرك ,وسلاحك لمن أرد أن يقتلك 0
الحلم هو كظمك الغيظ ,وعفوك عن المخطئ ,وصبرك على الإساءة 0
الحلم سيدّ الأخلاق ,وعلامةللصابرين المحتسبين ,وصفة محبوبة لرب العالمين
عن ابن عباس رضي اللهعنهما قال . قال رسول الله صلى الله عليه وسلمّ لأشج عبد القيس "أن فيك
خصلتين يحبهما الله الحلم
والأناة "
رواه مسلم 0
والحلم هو أساس الرفق ,قالصلى الله عليه وسلمّ "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ,ولا ينُزع من
شيءٍإلا شانه "رواه مسلم 0
). قال تعالى :{خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عنالجاهلين }الأعراف ( 119
) قال تعالى : {والكاظمين الغيظ والعافين عن الناسوالله يحب المحسنين }آل عمران ( 134
قال تعال: {ولنبلونكّم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات...الآية } البقرة
) . 155)
إلا أن الصابرون قليل ,والأشداء على تحملّ الفجائع نادرون ,مع أن الصبر للمؤمن علامة ,وللراضي
بقضاء الله وقدره وسام ,وهو لمن يتجسدّ به بشرى ونور من عند الله تعالى ....}وبشرّ الصابرين .الذين
إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون .أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم
0( المهتدون.}البقرة ( 155 157
قال رسول الله صلى الله عليه وسلمّ :"عجبا لأمر المؤمن إن أمره كلهّ خيروليس ذلك لأحد إلا للمؤمن :إن
أصابته سراء شكر فكان خيرا له ,وإن أصابته ضراءصبر فكان خيرا "رواه مسلم 0
وللصبر أنواع ثلاثة :
1 -الصبر على طاعة الله في الإتيان لكل ما أمر به 0
0( قال تعالى {واستعينوا بالصبر والصلاةوإنها لكبيرة إلا على الخاشعين } البقرة ( 45
2 -الصبر على المعصية ,وذلك بأنيعمل المؤمن على تحصين نفسه من كل ما هو مزيّن أمامه ,ومن
الشهوات الدنيوية والتيتكسب الإنسان ذلا في الدنيا ,وعذابا شديدا في الآخرة 0
0( قال تعالى :{ربناأفرغ علينا صبرا وتوفنّا مسلمين }الأعراف ( 126
3 -الصبر على النوازلوالمصائب ,لما في ذلك من الأجر العظيم والثواب الجزيل 0
عن أبي سعيد وأبيهريرة رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلمّ قال :"ما يصيب المسلم من
نصبولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم ,حتى الشوكة يشاكها إلا كفرّ الله بها منخطاياه "متفق
عليه
0 ( قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابرواورابطوا واتقوا الله لعلكم تفُلحون }آل ع 4
كتمان السر
إن كتمان السر من الأخلاق الجميلة التييتحلّى بها المسلم ,وهو من الدلالات الطيبة التي تعززّ علاقات
الناس بعضهم ببعض ,وتجدد مواضع الثقة بينهم ,وتضاعف من درجات الحب والتواد والتواصل مع بعضهم
البعض 0
لذا يتعيّن على من حمل سراّ لأخيه أو صديقه أن يحفظ هذا السر ولايذيعه ,وأن يحرص عليه حرصه على
نفسه ودينه ,فإن كتمان الأسرار كما قيل يدل علىجواهر الرجال 0
ومن الخير والصلاح كتم أسرار الآخرين وعدم الإفضاء بهاخشية وقوع فتنة ما أو ضغينة أو كراهية لا يحمد
عقباها 0
الشورى
الإنسان فقير بنفسه ,غني بإخوانه وأقرانه ,فهو لوحده لاشيء ,وبتفرده في رأيه متسلّط ومنبوذ ,
وبانطوائيته وانعزاله إما متعالأو مريض 0
قال تعلى موجها خطابه إلى نبيه الكريم صلى الله عليه وسلمّ }:وشاورهم في الأمر {
ومن ذلك استشارته عليه الصلة والسلام لأصحابه فيالخروج أو البقاء في المدينة يوم أحد ,وفي مصالحة
بعض الأحزاب يوم الخندق على ثلثثمار المدينة 0
وقال الحسن :الناس ثلاثة فرجل رجل ,ورجل نصف رجل ,ورجل لا رجل ,فأما الرجل الرجل فذو الرأي
والمشورة ,والرجل نصف الرجل الذل لهرأي ولا يشاور ,والرجل لا رجل فالذي ليس له رأي ولا يشاور 0
عن أبي هريرةرضي الله عنه قال :ما رأيت أحدا أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليهوسلمّ
أخرجه الترمذي .
الخاتمة
سائلااًلله العلي القدير أن يكون هذا العمل خالصا لوجهه الكريم ,وأن يتقبل الله مناّصالح الأعمال والأقوال
إنهّ القادر على ذلك سبحانه وتعالى.